ابن باجة هو أبو بكر محمد بن يحيى التجّيبي الأندلسيّ السرقسطيّ المعروف بابن الصائغ. وهو من فلاسفة العرب والمسلمين قليلي الشهرة والمعرفة في العالمين العربي والإسلامي رغم ما قدّمه للفلسفة العربية والإسلامية من تراث زاخر. ظلّت فلسفته تقبع في الهامش ولم تنل الاهتمام الذي تستحقّ في زمانها او في أزمنة لاحقة. جرى إهماله الذي ارتبط بدخول العالم العربيّ والإسلاميّ مرحلة من الانحطاط الشامل، وهي مرحلة لا تحتضن فكرا متنوّرا وعقلانيا كالذي مثله ابن باجة، بحيث يمكن القول إنّ إهماله أتى نتيجة اقتران عنصرين متلازمين، من جهة تراجع الفكر والسجال في ذلك العصر من جهة، ثم الموقف الذي اتخذه منه آنذاك من كانوا ينصّبون أنفسهم حراسا على العقيدة وعلى الدين في الوقت نفسه. عدّه ابن خلدون أكبر فلاسفة الإسلام في الأندلس، وقال عنه ابن طفيل :"لم يخلق أثقب ذهنا ولا أصحّ نظرا ولا أصدق روية من أبي بكر الصائغ". ألّف من الكتب ما تجاوز المائة بين كتاب ورسالة، ضاع منها الكثير، لكن بقي منها ما يكفي لإعطاء فكرة حقيقية عن فلسفته. تشكّل كتب "تدبير المتوحد" و"رسالة الوداع" و"رسالة الاتصال" أبرز المؤلفات التي يشرح فيها فلسفته و"تأملاته".
بيئة ابن باجة الفكرية والسياسية
اتّسمت المرحلة التاريخيّة التي عاش فيها ابن باجة في الأندلس باضطرابات وانشقاقات وصراعات بين ملوك الطوائف، وتحوّل السلطة الى دولة "المرابطين"، بعد أن أدّت الخلافات بين الأمويين والبربر في الأندلس الى ت؂ويض الخلافة الأموية هناك. استتبعت هذه الانهيارات في الأندلس ما سبقها من انهيار دولة العباسيين وقبلها الامويين في المشرق. ترافقت هذه الانهيارات السلطوية بمجيء أمراء وحكام اتّصفوا في غالبيتهم بالاعتماد على الفقهاء والمقلّدين في تكريس سلطتهم، وذلك عبر توظيف هؤلاء الفقهاء في تسويغ السلطة السياسية واضفاء المشروعية على الحاكم. وهي وجهة ترتب عليها اضطهاد الفلاسفة والتنكيل بهم واطلاق شتى نعوت التكفير في حقهم.

بخلاف المشرق، كان علم الكلام في المغرب يعاني من ضعف فلم يشهد ذلك الازدهار الذي عرفه المشرق، لأسباب تتّصل بالبيئة الفكرية السائدة في تلك المناطق وبعدها عن مراكز التفاعل السياسيّ والفلسفيّ كالذي عرفته بلاد الرافدين أو بلاد الشام في عهود الامويين والعباسيين الذين اتاحوا مجالات واسعة للنقاش اللاهوتي بين الفرق الإسلامية. وفي مجال آخر، يرى بعض دارسي المغرب العربي وخصوصا الحكم في الأندلس انّ ضعف وجود الفرق الدينية يرتبط الى حدّ بعيد بسيادة مذهب شبه وحيد من المذاهب الإسلامية هو "المذهب المالكي" في دول المغرب. لعب هذا "الاحتكار" للمذهب المالكي دورا سلبيا في تطور الحركة الفلسفية في تلك البلاد لانّه حدّ من الحرية الفكرية وازدهار السّجالات بين المذاهب بما يغني الحياة العقلية ويدخل جمهورا واسعا في سجالات القضايا التي تثيرها. لكنّ الحركة الفكرية في المغرب، وعلى ضعف انتشارها، اتسمت بقيام الفلسفة على العقل وتنصيبه سيّدا في السجالات والأحكام بشكل تجاوز المشرق. يعود هذا التميّز "المغربيّ"إلى تغلغل الفلسفة اليونانية بشكل اكبر مما عرفه المشرق، ودخول مؤلّفات وكتب حول هذه الفلسفة لم يسبق للمشرقيين أن عرفوها. لكنّ السبب الأهمّ يعود إلى ذلك التواصل بين المشرق والمغرب حول قضايا الفلسفة واطلاع المغربيين على حصيلة السجالات وما توصل اليه المشارقة من آراء فلسفية، مما يعني أنّ المغرب حصل على الخلاصات الفكرية- الفلسفية للمشرق بعد أن وصلت إلى أعلى درجات تطوّرها ونضجها، وهو ما ساهم في تمكّن المغاربة من الإفادة من هذا التطوّر وتوظيفه في الوجهة والمنحى الذي سلكه فكرهم الفلسفيّ خصوصا في اعتماد العقل مقياسا للحكم على جميع القضايا. وهو أمر يشهد عليه فكر ابن باجة وبعده كل من ابن طفيل وابن رشد.
وسط هذه الأجواء الأندلسية، نشأ ابن باجة ومارس حياته متعددة المشارب والمجالات. كان "شموليا" في العلوم والفنون التي اتقنها والتي تراوحت بين الفلسفة والمنطق والفلك والطبّ وعلم النبات والموسيقى والشعر وغيرها من فنون الادب. وهو بذلك تميّز عن الكثير من أترابه في ذلك الزمن وتفوّق عليهم بسبب هذا التنوّع الفريد في الاهتمامات. تركزت أعماله الفلسفية بشكل خاصّ على إنجاز تعليقات معمّقة لكتب أرسطو وأفلاطون والفارابي، فقدّم الكثير من الاجتهادات حول الفلسفتين اليونانية والعربية الإسلامية بحيث باتت فلسفته تضمّ خلاصة ما وصلت اليه هاتان الفلسفتان في ميادين النظر الى السياسة والفكر والاجتماع والاخلاق.
ابن باجة منخرطا في الحياة السياسية لدولة المرابطين
من المعروف أنّ ابن باجة انخرط في سلطة دولة المرابطين وعمل وزيرا لدى "أبي بكر بن ابراهيم" والي مرسين وسرقسطة. لا تقدم المصادر التاريخية معلومات كثيرة عن الفترة الزمنية التي قضاها في الحكم، كما لا تتوفّر معلومات عن كيفية ممارسته للحكم والمعضلات التي واجهته. في المقابل تقدّم المصادر التاريخية عنه ما يفيد بمشاكل عانى منها في ممارسته الوزارة عبر الاتهامات والشكوك التي الصقت به من قبل أعوان الأمير واترابه، فاتّهم بالإلحاد والزندقة والصقت به شكوك في مدى ولائه للأمير، وانتهت حياته مغدورا عبر قتله بواسطة السمّ، وهو ما يشي بقصر عمله "الوزاريّ" وانحصاره في فترة زمنية ضيقة.
أفاد ابن باجة من وجوده في السلطة لتقديم اقتراحات في السياسة والاخلاق، فتحدّث عن "تدبير المدينة" الذي هو في حقيقته اقتراحات لسياسة الدولة، فرأى أنّ مثل هذا التدبير يقوم على أسس اجتماعية تترجم في المحصلة بقيام "المدينة الفاضلة" التي تحوي مجتمعات مثلى. نهج ابن باجة في هذا الميدان على غرار ما قال به سابقا كلّ من أفلاطون والفارابي. لكنّ الجديد الذي قال به ابن باجة في هذا المجال أنّ القضايا الاجتماعية وخصوصا الاخلاقية منها ليست مستمدّة من أوامر الدين والنواهي التي يقول بها، ولا حتّى من قوانين المجتمع والدولة، بل هي مبنية على التفكير ومستمدّة مباشرة من العقل. هذا الاجتهاد في الكيفية التي تقوم عليها المدينة الفاضلة أتى مخالفا بل ومناقضا للتفكير السائد في زمنه القائل باعتماد الشرع أساسا للأخلاق الاجتماعية، وإخضاع الأمور السياسية إلى مقتضيات أحكام الفقهاء وتشريعاتهم. تسبّبت له هذه النظرة بالكثير من الأحقاد وكانت في أساس اتهامه بالإلحاد وتكفيره وبالتالي قتله.
تشير دراسات ومراجع عن حياة ابن باجة في الحكم الى أنها كانت حياة عصيبة اتسمت بالتمزّق الداخليّ وممارسة انفصام بين ما يعتقده ويفكّر فيه، وبين ما يمكنه المجاهرة به. كان عليه ان يمارس هذا الازدواج بحيث يلزم نفسه في العلن بأن يكون على سكّة ما يقول به الحاكم الذي يعمل وزيرا لديه، وبين أن يمارس قناعاته الفعلية في الخفاء بما هي العمل الفلسفي الذي تملّكه وحكم توجهاته الفكرية. تعكس حياة ابن باجة المتناقضة محنة المثقف في العلاقة بالسلطة، وهي محنة واجهها كثيرون في الزمن القديم، ولا يزال يواجهها زمننا الراهن. انها محنة الاستقلالية وحدودها والقدرة على ممارسة التفكير الحر من دون ان تنطوي هذه الممارسة على ما يهدّدها من قيود متنوعة. وإذا كانت محنة الاستقلالية تواجه كل مثقف، فكيف بالأحرى ستكون المعاناة لدى مثقّف من طراز ابن باجة عليه أن يكون في الحكم وخارجه في الآن نفسه؟.
الفلسفة العقلانية وميادين تجلياتها في فكر ابن باجة
يطلق على فلسفة ابن باجة أنها سعي دؤوب لـ"لمصالحة الفلسفة مع الحياة، أو ما وراء الطبيعة مع الطبيعة". من أجل تنفيذ هذه المهمة، رأى ابن باجة أن العقل هو السبيل الوحيد لتحقيق هذه المهمّة. جمع ابن باجة في فلسفته الإسلاميّة بين نظام أرسطو العقليّ وتأملات أفلاطون الروحية، واعتمد في هذا المجال على كتب "الجمهورية" لافلاطون، وكتابي "الأخلاق" و"الحسّ والمحسوس" لأرسطو، و"السياسة المدنية" و"رسالة العقل" للفارابي في بلورة مفاهيمه العقلية وطروحاته الفلسفية. يشير ماجد فخري في تعليقه على كتاب "تدبير المتوحد" الى أن "المشترك في هذه المؤلفات هو تحديد طبيعة الانسان العقلية وغايته القصوى والسبل المدنية المثلى لبلوغ هذه الغاية". يتضمّن كتابه "تدبير المتوحد" أبرز مبادئه الفلسفية، خصوصا منها ما يتعلّق بخلود العقل والصور العقلانية من جهة، وفساد كلّ خصائص الإنسان الأخرى بما فيها الصور الجسمانية والروحية من جهة اخرى. لم يكتف ابن باجة بتمجيد العقل بل وصل الأمر به إلى تقديسه، بحيث احتلّ المرتبة الأولى في الأهمّية عنده. فالمعرفة الصحيحة، والمعرفة المطلقة، والسعادة والاخلاق، كلها شؤون مبنية على العقل . كما أنّ الإنسان يستطيع بواسطة عقله أن يدرك كلّ شيء، من أدنى دركات الوجود (المادية)، الى أعلى درجات الوجود (الوجود الالهي). وشدّد ابن باجة على أنّ العقل هو العنصر الحاسم في خيارات الانسان واختياراته والمصدر الأساس الذي تتوقف عليه سعادة الانسان، فيشير في هذا الصدد بالقول :"ولما كانت الأفعال الإنسانية هي الاختيارية كان كلّ فعل من افعال هذه القوى يمكن أن يكون للناطقة فيها مدخل. والنظام والترتيب في افعال الانسان انما هو من أجل الناطقة، وهما للناطقة من أجل الغاية، التي جرت العادة ان يقال لها العافية والسعادة..وكل ما يوجد للانسان بالطبع ويختص به من الافعال فهو باختيار. وكلّ فعل يوجد للانسان باختياره فلا يوجد لغيره من أنواع الأجسام، والأفعال الإنسانية الخاصة به هي ما تكون باختيار، فكل فعل إنسانيّ هو فعل باختيار. وأعني بالاختيار الإرادة الكائنة عن روية، أمّا الإلهامات والإلقاء في الروع وبالجملة الانفعالات العقلية – إن جاز أن يكون في العقل انفعال يشارك الانسان- فإنّ الإنسان مختص بها. وانما احتيج الى اشتراط الاختيار في الأفعال التي من جهة النفس البهيمية، فإنّ الحيوان غير الناطق انما يتقدم فعله ما يحدث في النفس البهيمية من أفعال " (تدبير المتوحد).
أولى ابن باجة أهمّية لنظرية المعرفة، وكان عليه أن يقارع الفكر السائد آنذاك حول مصدر المعرفة وحصرها بالالهيات والروحانيات، وذلك في مرحلة سبق أن شهدت تراجع الفكر العقلانيّ بعد "الهزيمة" التي لحقت بالمعتزلة في زمن الخليفة المتوكّل وسيطرة أفكار الغزالي وغيره من المصنّفين في خانة "المحافظين" الذين كرّسوا حظر الاجتهاد في النصّ الدينيّ خارج سياق ما يقدّمه ظاهر هذا النصّ. لذلك أتت مبادئ ابن باجة الفلسفية المفترضة أنّ العقل هو وحده مصدر المعرفة الانسانية لتشكل ردّا على هجوم الفقهاء والتقليديين وعلى الأخصّ الغزالي الذي كان يرى أنّ المعرفة تعتمد على "النّور الذي يقذفه الله في القلب". ساهم الاهتمام بعلوم الرياضيات والطبيعيات في بلورة فلسفة ابن باجة العقلية، بحيث استخرج براهينه وأدلّته من الحساب والهندسة، مما جعله مفكّرا من الأوائل الذين أخذوا بالعلوم العقلية المنفصلة عن الدّين وحتى المعزولة عن العامّة. رغم انخراطه في السياسة، ظل ابن باجة بعيدا عن استخدام الاسلوب الخطابيّ في محاولة للتأثير على الناس، وهو أمر كان يراه متوافقا مع توجهاته الفلسفية وإدراكه صعوبة استيعابها من العامة قياسا على ما يبثه الفقهاء من مقولات "دوغمائية" غير قابلة للجدال ولا تحتاج الا الى التسليم "الربّاني" بما يقوله الفقهاء ورجال الدين.
والعقل عند ابن باجة هو العلم النظريّ الذي يحقّق الانسان بواسطته كماله الطبيعيّ، بل إن سائر الأفعال الإنسانية والقيم والفضائل ليست سوى وسيلة وآلة في خدمة هذا العقل وترجمة لافعاله. ولإعطاء هذا العلم موقعه الذي يستحقّ، يرى ابن باجة ضرورة أن يكون بعيدا عن المادة للوصول الى مرتبة "العقل المستفاد" حيث يقول :"فلأنّه واحد من كلّ جهة، فهو في غاية البعد عن المادة. لا يلحقه التضادّ كما يلحق الطبيعة، ولا العمل عن التضاد كالنفس البهيمة، ولا يرى التضادّ كالناطقة. فهو أبدا واحد أو على سنن واحدة، في لذّة فرح وبهاء وسرور" (رسالة الوداع). لذلك يعتبر ابن باجة أنّ من يدرك هذه المرتبة من العلم يكون قد ظفر برضى الله ونعمته، اذ ليس أحبّ عند الله من هذا العقل، وإثباتا لذلك يستشهد بما جاء في بعض الآيات القرآنية :"والراسخون في العلم يقولون آمنا به، كل من عند ربنا.. انما يخشى الله من عباده العلماء". كما يستشهد ببعض الأحاديث النبوية لتأكيد أهمّية العقل ولدحض رأي الف؂هاء الذين يشنّون الحملات ضدّ الفلاسفة، يورد في هذا الصدد ما يأتي :"خلق الله العقل فقال له : اقبل فاقبل، ثم قال له ادبر فأدبر. فقال وعزّتي وجلالي ما خلقت خلقا أحبّ إليّ منك". وإذا كانت الفلسفة لدى ابن باجة في حقيقة أمرها ليست سوى تتويج لمملكة العقل باعتباره أسمى نور يملكه الانسان، فإنّ الإنسان نفسه لا يصير إنسانا إلا بعد مروره بمراحل تبدأ بالحال النباتية وهي حاله عندما يكون جنينا، ثم الى الحال الحيوانية المعبّر عنها بحراكه واشتهائه للأكل والملذات، وأخيرا تكتمل إنسانيته في المرحلة العقلية التي هي أسمى المراحل، وبذلك "يكون الانسان انسانا".
ابن باجة بين التوحد والاغتراب
تميّز ابن باجة عن الكثير من أقرانه في إيلاء موضوع التوحد والاغتراب عن الواقع المعاش أهمّية في كتاباته، وأفرد لها كتبا خاصة. لا ينفصل موضوع التوحّد "الباجي" عن "الممارسة السياسية" التي انخرط فيها أو "فرضت عليه" وما تبعها من معاناة شخصية ونفسية دفعت به الى "التنظير" للعزلة والابتعاد عن الناس، وهي دعوة تضمر يأسا من الحياة في جوانبها السياسية والاجتماعية. يرى ابن باجة الى المتوحّد في وصفه الانسان الذي يختار أن يبقى وحيدا نائيا بنفسه عن الآخرين محددا له ميادين الاتصال :"فالمتوحّد، الظاهر من أمره انّه يجب عليه ان لا يصاحب الجسمانيّ. ولا من غايته الروحانية المشوبة بجسميه. بل انما يجب عليه أن يصحب أهل العلوم. لأنّ أهل العلوم يقلّون في بعض السير، ويكثرون في بعض، حتى يبلغ في بعضها أن يعدموا. لذلك يكون المتوحّد واجبا عليه في بعض السير ان يعتزل عن الناس جملة ما أمكنه، ولا يلابسهم الا في الأمور الضرورية أو بقدر الضرورة" (تدبير المتوحد).
اذا كانت فلسفة ابن باجة في مجملها تعبّر عن القلق الذي يعيشه الفيلسوف بشكل عامّ، فإنّ كتابه "تدبير المتوحّد" يتميز بخصوصية تعبر عن الفشل في امكان تحقيق "برنامجه السياسيّ" المتصل برؤيته للمدينة الفاضلة واستحالة الوصول اليها في زمانه. وهو قلق تشارك فيه مع افلاطون والفارابي اللذين سبقاه إلى طرح وسيلة "خلاصية" للبشرية من خلال الوصول الى "المدينة الفاضلة". وعندما يعرّف ابن باجة "التدبير"، فإنّما للتأكيد على انه يعني به خطّة الإنسان العاقل في سلوكه الاجتماعي وممارسته السياسية أيضا في مجتمع يفتقد إلى العقل في تحديد السلوك. لذلك يشدد ابن باجة في كلّ مكان من "تدبير المتوحد" على أنّ الفلاسفة يجب أن يعيشوا وفق ما يقتضيه العقل ليمكن لهم الوصول الى السعادة الروحيةالتي يراها اسمى مظاهر الحياة الدنيا. لذا أتت صرخته من أجل جمهورية خاصّة به فقط، يتحقّق وجوده داخله ويبقى في الوقت نفسه بعيدا عنها، كما يذهب إليها بعقله وليس ببدنه كما يشير في "تدبير المتوحد" :"وكان السعداء إن أمكن وجودهم في هذه المدن، فإنّما تكون لهم سعادة المفرد. وصواب التدبير إنما يكون تدبير المفرد، وسواء كان المفرد واحدا او أكثر من واحد، ما لم يجتمع على رأيهم أمّة أو مدينة. وهؤلاء هم الذين يعنونهم الصوفية بقولهم الغرباء، لأنّهم وإن كانوا في أوطانهم وبين أترابهم وجيرانهم، غرباء في آرائهم قد سافروا بأفكارهم إلى مراتب اخرى هي لهم كالاوطان".
هكذا يرى ابن باجة الى المتوحّد بوصفه إنسانا غير عاديّ، تكمن خصوصيته بل مأساته في انه يرى دوما أن كل ما حوله غير طبيعيّ، وملوّث وغير صحّيّ. يكمن السبب في انعدام وجود المدينة الفاضلة حيث "تفتقد أفعال مواطنيها إلى العقل والعقلانية…وبيّن أن المدينة الفاضلة قد اعطي فيها كلّ إنسان أفضل ما هو معد نحوه، وانّ آراءها كلها صادقة، وانه لا رأي كاذب فيها، وأنّ أعمالها هي الفاضلة بالإطلاق وحدها، وان كلّ عمل غيره فإن كان فاضلا فبالاضافة إلى فساد موجود". تأتي هذه الأحكام بعد ان يحدد ابن باجة غايات المتوحد فيراها ثلاثا :"إما أن تكون لصورته الجسمانية، او لصورته الروحانية الخاصة، او لصورته الروحانية العامة. فإنّ الغايات التي له وهو جزء مدينة امامية – فقد تلخصت في العلم المدنيّ. وأما التي تنصّبها له في مدينة – من حيث هي جزء مدينة- فإنّ من أفعاله فيها ما يليق بالمتوحّد فيكون إحدى هذه. واما ان يكون في المدينة الفاضلة، فقد تلخّص أمر المدينة جملة في العلم المدنيّ".
يعترف ابن باجة، وهو يدافع عن الانعزال والتوحد، ان ما يقول به ويدعو اليه يمكن تصنيفه في خانة الأعمال غير الصحيحة والأقرب إلى الشرّ، لكنه يستدرك قائلا إنّه شرّ" لا بدّ منه ليمكن للفيلسوف ومن هم من أترابه أن "يتصالحوا مع أنفسهم"، ويكملوا في الدعوة الى تشييد المدينة الفاضلة التي تشعر نفسه وكينونته بالاطمئنان في ارجائها وتتأمن له السكينة في رحابها. لذلك يصرّ ابن باجة ويشدّد على تركيز الفرد في داخله، والتوحّد في ذاته، واذا تمكّن الفرد من إزاحة سلطان المجتمع بما هي أفكار هذا المجتمع وتقاليده وأعرافه السائدة عن عقله وتحرّر منها جميعا، فإنّ ذلك سيشكّل طريقا قد توصله من خلال تأمّلاته الخاصة إلى إدراك أرفع الحقائق منزلة وأسماها قدرا ومرتبة، وبالتالي إلى اللذة الكاملة.
إرهاصات "الفلسفة الانسانية"
خلافا لكثير من فلاسفة سبقوه، يرى ابن باجة انّ الفلسفة ليست حكرا على الخاصّة، بل هي لجميع الناس الذين بإمكانهم النهل من معطياتها. يعود هذا المبدأ عنده لكونه حاول أن يعطي الفلسفة "مهمّات" عملية توظّف في خدمة الانسان. لذا اعتبر أنّ الفلسفة أو التدبير شأن خاص بالانسان، لأنّ الإنسان وحده يتميز عن سائر الكائنات الحية بالفكر، فيشير الى انّ "الترتيب إنما يكون بالفكر، فإنّ هذا مختصّ بالفكر، ولا يمكن ان يوجد الا فيه، ولذ؄ك لا يمكن ان يوجد الا للانسان فقط". والانسان في رأي ابن باجة ساع بشكل متواصل من أجل تحقيق السعادة، من هنا يرى ان الفلسفة تحمل غاية عملية هي تحقيق سعادة الانسان. وهذه السعادة تتحقق عن طريق وصول الانسان الى أعلى مراحل التعقّل التي يجسّدها العقل الفعّال. لقد ربط ابن باجة بشكل وثيق سعادة الانسان بالعقل، وبالنظام العقليّ الذي يتبعه الانسان في جميع شؤونه، فالعقل يكفّ عن أن يكون إنسانيا إلا إذا كان "المحرّك فيه ما يوجد في النفس من رأي واعتقاد" (التدبير). انّ تركيز ابن باجة على "الانسان" يعود الى جزمه بأنّ رسالة الإنسان الوحيدة في الحياة انما تتمثل في الادراك والتعقل، ومن أجل ذلك ربط هذا العقل الإنساني بالتعقل من جهة وبحرية الاختيار من جهة اخرى، مؤكّدا بشكل مستمر على ان التدبير الانساني هو في الأساس تدبير عقلي سواء تعلق الامر بالجماعة ام بالفرد. من هنا قوله ان الانسان الساعي إلى تحقيق السعادة القصوى لن يصل اليها الا عبر "ترقية" قواه العقلية التي تمكّنه في النهاية من الاتصال بالعقل الفعال الذي تتحقق هذه السعادة من خلال الوصول اليه.
يستكمل ابن باجة رؤيته لشروط السعادة الانسانية بنظرية حول اللذة. يرى أوّلا أن اللذة تتّصل وثيقا بمدى وصول الفلسفة الى الناس واستيعابهم لها ومقارنة هذه اللذة باللذات الاخرى التي يسعى الانسان الى الحصول عليها. يحاول أن يقدّم نظرية مستقلة عن اللذة فيرى انّ التلذذ أصناف، منها الحسّي ومنها العقليّ. يصنّف اللذة الحسية في باب المكروهات غير المستحبّة، فيما يرى في اللذة العقلية كلّ الصفات الحميدة التي على الانسان أن يكافح لتحقيقها، حيث أنّ"اللذة في اشرف اشكالها هي اللذة العقلية التي تمثّل غاية الإنسان القصوى". لكنه يستدرك في اماكن اخرى بالقول ان لكل فعل من الافعال التي يمارسها الانسان لذته الخاصة التي تناسبه وتتوافق مع مزاجه والأهداف التي يرمي اليها، ومجرّد إتقان الفعل الذي يسعى اليه الانسان انما يحمل في طياته تحقّق لذة خاصة به.
متوافقا مع فلسفته العقلانية واعتبار العقل مقياسا لكلّ شيء، بما فيه إخضاع الماورائيات له، يتميز ابن باجة عن الكثير من الفلاسفة المسلمين بالقول إنّ الخلود إنما يتحقق في الحياة الدنيا، وأنّ الإنسان يشعر بالسعادة في حياته الدنيا عندما يدرك مستوى مرتفعا من العلم يمكنه من إدراك الحقائق بمختلف أنواعها، وذلك خلافا للوعود "الروحانية" ان هذه السعادة لن تتحقق الا في الحياة الآخرة. مثلت فلسفته هذه في تركيزها على الانسان وسعادته ولذته هدفا للحياة، مقترنة بعقلانية صارمة لا تترك ميدانا الا وتخضعه للعقل وأحكامه، إرهاصات مبكّرة للفلسفة الإنسانية التي برزت لاحقا في اوروبا في عصر النهضة وما تلاها، وعادت فعرفت ازدهارا في عصور التنوير من خلال الصراع اللاهوتيّ – العقلانيّ الذي نشأ وأعطى أولوية للعقل والإنسان معا. لعلّ عبد الرحمن بدوي كان مصيبا في اقتراحه " ان نطلق على فلسفة ابن باجة اسم: علم الانسان، لأن ما تناوله فيها يدور معظمه حول موضوعات هذا العلم".
الإيمان القائم على العقل
بخلاف فلاسفة المشرق، تميّز فلاسفة المغرب في شكل عامّ بإيلاء أهمّية كبيرة للعقل بل وإعطائه الأولوية على كل شيء، وتنصيبه حكما مطلقا في كل الامور. والجديد الذي ذهب اليه ابن باجة في هذا المجال يتصل بالنظرة الى الله ومسألة عبادته، فقد اعتبر انّ الله معروف بواسطة العقل، وانّ عبادته أيضا لا بدّ أن تتمّ من طريق هذا العقل، خلافا لما تقول به الأديان السماوية. وهي قضية تحمل الكثير من الجرأة في زمنه لأنها تثير مسألة الإيمان استنادا الى العقل وليس عبر التسليم الغيبيّ بما أتت به الكتب المقدسة، وهي قضية راهنية بامتياز في ظل "هجمة" الفكر الديني الغيبي القائم في أكثره على الخرافات والأساطير ودعوة رجال الدين الجمهور للتسليم بها من دون نقاش أو تمحيص. يشير في "تدبير المتوحد" الى "انه كما يجب على الروحاني أن يفعل الأفعال الروحانية لذاتها، كذلك الفيلسوف يجب ان يفعل كثيرا من الافعال الروحانية، لكن لا لذاتها، ويفعل جميع الافعال العقلية لذاتها. فبالجسمانية هو الانسان موجود، وبالروحانية هو اشرف، وبالعقلية هو الهي فاضل. فذو الحكمة ضرورة انسان فاضل الهي، وهو يأخذ من كل فعل أفضله، ويشارك كل طبقة في أفضل أحوالهم الخاصة بهم،ويتفرد عنهم بافضل الافعال واكرمها. واذا بلغ الغاية القصوى، وذلك بأن يعقل العقول البسيطة الجوهرية التي تذكر فيما بعد الطبيعة، وفي كتاب النفس وكتاب الحس والمحسوس (كتب الفيلسوف أرسطو)، كان عند ذلك واحدا من تلك العقول، وصدق عليه انه الهيّ فقط، وارتفعت عنه الاوساط الحسية الفانية، واوصاف الروحانية الرفيعة، ولاق به وصف الهي بسيط".
في السياق نفسه انخرط ابن باجة في سجال مع الغزالي مفندا الكثير من طروحاته وممهّدا لابن رشد الذي سيخوض معركة قاسية مع فلسفته. فبعد اطلاعه على كتاب الغزالي "المنقذ من الضلال" الذي يصوّر فيه الغزالي انه في عزلته استطاع ان يصل الى السعادة القصوى، وانه تمكن خلالها من رؤية ومشاهدة بعض الأمور الإلهية، فيرى ابن باجة ان ما يقول به الغزالي في هذا المجال هو أضغاث أوهام وقع ضحية لها، وانه من المستحيل ان يكون قد وصل الى درجة أصحاب الروحانية كما يدعي. ويكمل ابن باجة ردوده بالاصرار على أن الطريق الصحيح للوصول الى الله هو التفكير والتأمل الفلسفي لا "الاحوال الصوفية"، "فالصور الروحانية لا يفيده الحس ولا الطبيعة،فانما يفيده الفكر او العقل الفاعل، وهذه فقط يختص بها الانسان. فاما الصنفان الاولان فهما موجودان للحيوان المحصل. فاما الصورة التي يفيدها الفكر، فقد تكون صادقة وكاذبة. والكذب فيها أكثر وجودا من الصدق في بعض السير. ولذلك قد يتمنى الانسان ما يعلم انه لا يمكن، مثل ان يتمنى مخاطبة موتى. وليس يضرّ هذه أن يعلم الإنسان أنها كاذبة. فإنه إن لم يعلم بكذبها كان مخدوعا او غالطا، او ما شاكل ذلك. والصدق في هذه يقل في السير وكثر. واما التي توجد عن العقل الفاعل فكلها صادقة، بالذات لا بالعرض. وكذلك ما يوجد عن الفكر الصادق" (تدبير المتوحد).
عبر فتحه "النار" على الغزالي، كان لا بد لابن باجة ان يطال في سهامه المتصوفة إجمالا حيث يرى ان ما تقول به المتصوفة وما تطرحه من خيارات ليس له سوى نتيجة واحدة هي حجب الحقائق وتكريس الاوهام بكل ما تتسبب به من ضرر للتفكير والعقل. لذا مارس نقدا لاذعا لما يسميه "ظنون المتصوفة" انطلاقا من نظرته العقلية. فالاعتقاد بتلك الظنون وتكرسها حقائق منتسبة الى الروحانيات تتصادم مع العقل بشكل كلي، فالعقل لا يقبل ولا يقنع بغير الحجة والبرهان سبيلا الى المعرفة والادراك. كما يوجه نقده الى الصوفية لانها تضحي بالعقل لصالح الإيمان الاعمى بما تقوله كتب الاديان.
اثار ابن باجة قضية لم يجرؤ فلاسفة مسلمون قبله على التطرق اليها بشكل نقديّ، ألا وهي مسألة النبوة وما تثيره من جدل حول العلاقة بين المعرفة التي تأتي عن طريق العقل والمعر؁ة الآتية عن طريق الوحي كما يشدّد الإسلام على هذه الناحية. تنحو فلسفة ابن باجة الى اولوية العقل على الوحي، وتتجلى أكثر في احاديثه عن قدرة الانسان على رؤية الحقيقة والوسائل اللازمة لذلك، فلا يشير الى الانبياء عندما يتطرق الى هذه الناحية، بل يركز على ارسطو وغيره من الفلاسفة بوصفهم المنارة التي تؤمن الوصول الى المعرفة الانسانية الصحيحة. ويذهب ابن باجة ابعد من ذلك بامتناعه عن افراد موقع متميز للنبي محمد او وضعه في درجة تعلو سائر الانبياء كما يقدم النص الديني الرسول مقارنة باترابه السابقين، وهو بذلك يخالف النظرة الإسلامية السائدة حول موقع الرسول، مما عزز النظرة المعادية لابن باجة من قبل الفقهاء ورفع درجة الاتهامات له بالكفر والإلحاد.
ابن باجة : أثره وراهنيته
رغم بقاء ابن باجة في "العزلة" لقلّة شهرته في المشرق او حتى في المغرب، الا أنّ دارسي الفلسفة الإسلامية لاحقا اعطوه حقه للدور الذي لعبته فلسفته في المغرب عبر الاثر الذي تركته فلسفته على ابن طفيل وخصوصا روايته "حي بن يقظان". لكن الاثر الاكبر الذي يسجل لابن باجة انما هو على تراث ابن رشد وفلسفته خصوصا النزعة العقلية التي اصطبغت بها هذه الفلسفة، كما يسجّل لابن باجة انه مهد الطريق لمجابهة الفكر"المحافظ" الذي تولى الغزالي الدفاع عنه وحمايته ضد الفلاسفة والعقلانيين منهم على الاخص. هكذا اتت كتب ابن رشد لاحقا المسأجلة والمقارعة للغزالي لتشكل افضل تكريم لفلسفة ابن باجة. واذا كان التراث العربي الإسلامي لم ينصف ابن باجة، الا ان الانصاف اتى من مكان آخر هو الفلسفة الاوروبية التي كانت بدأت معركتها الضارية مع بدايات عصر النهضة وخصوصا منها المعركة مع المؤسسة الدينية الكنسية حول العقل والإيمان والوحي، وصولا الى مسألة السلطة والسعي الى الغاء هيمنة الكنيسة على السلطة السياسية. ويسجل في هذا المجال الدور الذي لعبته فلسفة ابن باجة في تكوين افكار توما الاكويني وفي سجاله مع المؤسسة الكنسية.
نستحضر ابن باجة اليوم ونحن نقرأ فلسفته في ضوء الحاضر فتنتصب امامنا قضايا سبق له ان اثارها وتطرق الى بعض جوانبها، لكنها تكتسب اليوم في عصرنا الراهن كل اهميتها. يسجل في هذا المجال اربعة مسائل قد؊مة – راهنة، تتعلق الأولى بمسألة توظيف السلطة السياسية لرجال الدين في حماية الحاكم وتبرير قراراته واسباغ المشروعية على سلطته. وتتناول الثانية كل علاقة المثقف بالسلطة لتشير الى صعوبة التوافق اذا ما اراد المثقف ان يظل امينا لفكره النقدي ومستقلا في التعبير عن آرائه بحرية كاملة. وتتصل المسألة الثالثة بدور العقل حكما ومقياسا في النظر الى الامور وتغليبه على الوحي وما عداه من التصورات. اما القضية الاخيرة فهي مسألة الإيمان القائم على العقل بصفته الإيمان الراسخ والفعلي البعيد عن الخرافات او التسليم بقضايا لا يقبلها المنطق. عبرهذه القضايا يظل ابن باجة مواكبا لعصرنا الراهن وتظل فلسفته نقطة مضيئة في تاريخ العقلانية العربية وصراعها مع الغيبيات والاساطير والخرافات التي كانت ولا تزال تمسك بتلابيب مجتمعاتنا العربية والإسلامية.
أهم مؤلفاته
يسرد ابن أبي أصيبعة لائحة بثمانية وعشرين مؤلفاً ينسبها إلى ابن باجّه، تقع في ثلاث فئات مختلفة: شروح أرسطوطاليس، تأليف اشراقية، ومصنفات طبية. فمن تأليفه في الطب كلام على شيء من كتاب الأدوية المفردة لجالينوس كتاب التجربتين على أدوية بن وافد وكتاب اختصار الحاوي للرازي وكلام في المزاج بما هو طبي.
جميع أصول كتبه العربية ضاعت ولم ينتقل الينا منها الا ما ترجم في حينه إلى اللاتينية. واشهر هذه المترجمات (تدبير المتوحد) الذي تخيل فيه مدينة لا يشغل اهلها غير (تدبير) واحد أو غاية واحدة طريقها العقل فتتحقق لها ولهم السعادة. ويقسم ابن باجة غايات الإنسان إلى جسدية وروحانية وعقلية وهذه الأخيرة هي ارقاها. ولابن باجة أيضا (رسالة الوداع) التي اهداها لأحد أصحابه وهو على اهبة سفر طويل خشي الا يراه بعده، ورسالة (الاتصال) و(كتاب النفس) وكتاب (الكون والفساد)، وكتاب (رسالة الوداع).
·    تأليف اشراقية
·    رسائل ابن باجة الإلهية


المراجع:
·    محمد عابد الجابري: نحن والتراث ، قراءات معاصرة في تراثنا الفلسفي. المركز الثقافي العربي ، الدار البضاء ، المغرب.1983
·    معن زيادة : كتاب تدبير المتوحد لابن باجة الأندلسي، بيروت، دار الفكر،1978 .
·    عمر فروخ: ابن باجة والفلسفة المغربية، بيروت، مكتبة منيمنة، 1945
·    ماجد فخري: ابن باجة، دار النهار، بيروت ،1990

ابن باجة

Posted on

Wednesday, November 21, 2012